في السلسلة السابقة “وهم الميزات مقابل القيمة الحقيقية للمنتجات الرقمية”، ناقشنا دورة حياة المنتج الرقمي. اليوم، سنتحدث عن مصطلح مهم في هذا المجال وهو MVP.

من المهم أن نفهم أنه عند استخدامنا لمصطلح MVP، قد يكون هناك لبس حول ما يعنيه في سياقات مختلفة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توقعات غير دقيقة أو استراتيجيات غير فعالة. في هذه المقالة، سنعرض كيف يمكن استخدام هذا المصطلح بشكل دقيق في سياقات مختلفة.

في عالم المنتجات الرقمية، مصطلح الـ MVP (Minimum Viable Product - المنتج القابل للتطبيق الأدنى) يُستخدم بكثرة، ولكن هذا المصطلح يمكن أن يحمل معاني مختلفة حسب السياق الذي يتم استخدامه فيه. في هذه المقالة، سنتعرف على كيف يختلف هذا المفهوم حسب الأهداف: هل هو للتعلم أم للربح (الكسب)؟

قبل أن نتحدث عن ما هو الـ MVP، دعونا نفرّق بين سياقين مختلفين في عملية بناء المنتج الرقمي.


البناء بغرض الكسب (Build to earn)

في هذا السياق، لا يكون السؤال “هل الفكرة جيدة؟"، بل “كيف نجعلها تعمل بأفضل شكل؟"، حيث نعمل على شيء معروف أنه فعّال، وهدفنا هو تحسينه للوصول به إلى الناس بأفضل شكل ممكن، وزيادة استخدامه، وتحقيق نتائج أفضل.

هنا نركز على تحسين القيمة الفعلية التي نقدمها لزيادة الأرباح، رضا العملاء، والنمو في السوق.

مثال: فيسبوك كل فترة يعملون على تحسين خوارزمية ترتيب المنشورات بناءً على اهتمامات كل شخص. في هذا السياق، هم لا يخترعون فكرة جديدة، بل يعملون على تحسين شيء موجود بالفعل. الهدف هنا هو تحسين تجربة المستخدم، وزيادة التفاعل، وجعل المستخدمين يقضون وقتًا أطول.

كما ترى، في سياق بناء المنتج بغرض الكسب، نركز على تحسين ما هو قائم. ولكن في بعض الأحيان، نحتاج إلى العودة إلى نقطة البداية لتعلم شيء جديد قبل المضي قدماً، وهذا هو السياق الذي يركز على التعلم.


البناء بغرض التعلم (Build to learn)

هنا يكون الهدف هو فهم أكثر، تجربة فكرة، تقليل الغموض، أو التحقق من فرضية. الفكرة هنا ليست في البناء، بل في فهم ما يجب أن نبنيه. الهدف ليس إنشاء منتج كامل، بل اختبار ما إذا كان هناك شيء يستحق التطوير.

مثال: فيسبوك عندما جربوا زر “أكثر من إعجاب” (❤️ 😂 😮 😢 😡)، بدأوا باختبار محدود في بعض البلدان مثل إيرلندا وإسبانيا. الفكرة كانت معرفة إذا كان الناس يريدون فعلاً زرًا إضافيًا إلى “الإعجاب”. كان الهدف هو التعلم: هل هناك طلب؟ كيف سيتفاعل الناس؟ وإذا لم ينجح، يمكنهم إزالته.


إذًا ما هو الـ MVP؟

في سياق البناء بغرض الكسب، الـ MVP هو: أصغر منتج (أو إصدار) ممكن يحقق النتيجة المطلوبة.

فعلياً، النجاح هنا يُقاس بناءً على ما إذا تم تحقيق نتائج أو تأثير إيجابي، مثل زيادة عائد الاستثمار، أو زيادة رضا المستخدم.

في هذا السياق، الـ MVP هو أصغر إصدار ناجح.

في سياق البناء بغرض التعلم، الـ MVP هو: أصغر شيء ممكن أن نختبره أو نعلمه لاختبار فرضية معينة.

هنا يُقاس النجاح بما تعلمناه من هذا الاختبار، بغض النظر عما إذا كانت الفرضية صحيحة أم لا. المهم هو أننا قمنا بالاختبار وتعلمنا منه.

في هذا السياق، الـ MVP هو أفضل اختبار قادم (لأن العملية دورية).


تقليل استخدام مصطلح الـ MVP

لنفهم السياق بشكل أفضل، علينا أن نجيب على أسئلة مثل:

  • هل نحن فعلاً نفهم المشكلة التي نحاول حلها؟
  • هل نعرف ما هي المشكلة التي يعاني منها الناس؟
  • هل لدينا القدرة على بناء الحل؟
  • هل لدينا فكرة كافية عن التكنولوجيا المستخدمة للحل؟
  • هل الناس بحاجة لهذا الحل؟

الطريقة التي يمكن استخدامها لفهم أفضل للسياق هي عبر استخدام مصفوفة قرارات تساعدنا على تحديد الأولويات بناءً على الجهد والكلفة والثقة. كما يمكنكم أن تروا في المخطط التالي، نقيم مستوى الثقة والجهد المطلوب قبل اتخاذ القرار.


mvp-decision-matrix

كما هو موضح في المخطط، عنا شغلات كتير فينا نساويها:

  • مقابلة الأشخاص: فينا نقابل الأشخاص يلي باعتقادنا إنهم مهتمين، وناخد رأيهم بالفكرة ونسمع منهم لنفهم طبيعة مشاكلهم وشغلهم، ونشوف وين ممكن نضيف قيمة أو نساعد.

  • مراقبة الأشخاص: مو يعني نصير مخابرات 😅! أكيد لا، بس نحاول نروح على أماكن شغلهم ونراقبهم أثناء قيامهم بمهامهم. هيك منشوف بالضبط شو بيعملوا، وشو المراحل يلي عم يتعذبوا فيها. لما نحط حالنا محلهم، رح نحس أكتر بمشاكلهم، وهالشي بيساعدنا نبني حل واقعي.

  • استبيانات: ممكن نجهّز استبيانات ونوزعها على الشرائح المهتمة، سواء على الإنترنت أو بشكل مباشر. من خلالها، ممكن ناخد بيانات وأفكار بتفيدنا كتير.

  • اختبارات التحقق من القيمة: في طرق وأساليب بتساعدنا نعرف إذا الناس مهتمين بالفكرة ولا لا. مثال: نعمل صفحة ويب (Landing Page) بتشرح الفكرة، وفيها زر لتسجيل المهتمين. أو نحط صورة منتج على الموقع مع زر “اشترِ الآن” بس المنتج لسا مو موجود. إذا الناس كبسوا عالزر، منحوّلهم على صفحة بتقول “المنتج سيكون متاح قريباً”. عدد النقرات بيدلنا إذا في اهتمام حقيقي (هاي الطريقة اسمها Fake Door Test).

  • مقابلات مع نموذج أولي: فينا نرجع نقابل الأشخاص المهتمين، بس هالمرة مناخد معنا نموذج أولي بسيط. هيك منقدر نفهم أكتر كيف ممكن يتفاعلوا مع المنتج، وممكن نتفاجأ من طريقة استخدامهم لإله!

  • إصدار نسخة محدودة: هون منبني نسخة أولية، مو مكتملة، ومنعرضها فقط لشريحة صغيرة من المستخدمين. منراقب سلوكهم والإحصائيات، لنفهم كيف عم يتعاملوا مع المنتج.

  • بناء برمجيات قابلة للتوسع والإصدار: هون منكون واثقين إنو عنا فكرة مفيدة تم التحقق منها، فبنشتغل على إصدار مكتمل وقابل للتوسع والنشر بشكل أوسع.



لحتى نقرر شو أنسب شي نعمله، لازم نركز على محورين أساسيين:

  1. الجهد والكلفة
    الطرق يلي حكينا عنها بتختلف كتير من ناحية الجهد والكلفة. مقابلة شخص لحتى نفهم منه مشكلته، غير عن بناء نظام متكامل جاهز للتوسع.

  2. مستوى الثقة يلي عنا
    قديش نحنا واثقين بأجوبتنا على الأسئلة السابقة؟ الثقة موضوع شائك tricky، لأن كتير ناس بيكونوا واثقين لحد ما يواجهوا الفشل.

لذلك، منستخدم طريقة الهدايا لتقييم الثقة 😄

مثلاً، إذا سألتك: “هل نعرف شو هي المشكلة الحقيقية يلي بيعانوا منها الأشخاص؟”
وقلتلك: إذا جوابك غلط، بدك تعطيني سيارة!

إذا فعلاً واثق من جوابك، رح توافق. بس إذا شاكك، ممكن تخفف الهدية وتقول: “بعزمك على فنجان قهوة” ☕.



الخاتمة

في النهاية، عند استخدام مصطلح الـ MVP، يجب أن نكون على دراية بالسياق الذي نعمل فيه. من خلال استخدام الأدوات التي ناقشناها، يمكننا اتخاذ قرارات مدروسة تضمن نجاح المنتج الرقمي وملاءمته لاحتياجات السوق.


لأي استفسارات أو ملاحظات، يمكنك التواصل معي عبر لينكدإن أو من خلال صفحة عندك سؤال.
ولا تنسوني من دعائكم.
سلام!